Accéder au contenu principal

تقليدانية الأفراد : منطقة الريف نموذجا

لا شك، أن من أهم أسباب ثبات المجتمعات ثباتا فكريا، أن تكون لدى أفراده معارف يعي من خلالها المهام المنوطة به وبالتالي تحقيق غاية الوجود. إن هذه المعارف تكون في غالب الأحيان، سلاح الفرد الذي يواجه بها أفكارا متخلفة للبعض و سريالية البعض الآخر.وهذه المعارف تتشكل لدى الفرد من خلال جملة المفاهيم التي تأخذ حيزا زمنيا في التشكل قبل أن توضع في قالب جاهز، يستهلكها الفرد بعدها بوعي مادام هو صانعها أو على الأقل واع بمدلولها، فأنا أتحدث هنا عن مجتمعات بلغت من مراتب التقدم والتطور مبلغا.

وفي المقابل، نجد المجتمعات المتخلفة في طابعها التقليدي المحافظ (حتى لا أقصر الحديث إلا عنها)، هذه المجتمعات ،تكون بنية مفاهيم أفرادها في غالب الأحيان بنية غير واع بها وإنما نتاج تراكمات ذاتية أو موضوعية يكون فيها الطابع الديني السلفي خصوصا حاضرا بقوة. ففي هذه المجتمعات نرى أن الفرد متمسك أشد التمسك بمفاهيم قد لاتمثله ولاتمثل واقع الحال الذي يعيشه، وليس صنعه هذا إلا من باب الغيرة على مجتمعه (وإن كان مفهوم القبيلة أقرب دلالة هنا) فهو بهذا يذود عن من يحميه رغم قساوته، كالطفل الذي يلوذ بحضن الأم طلبا للأمان على قسوتها عليه،وذلك حسب ماذهب إليه ساردل في جدليته. ومن باب الدفاع عن هذه  المكتسبات- حسبه- يعمل على جعل الساحة فارغة من كل ما من شأنه أن يزعزع ثوابت المجتمع وركائزه وذلك بمحاربة كل وعي دخيل ساع في قلب المفاهيم والتصورات

لنسلط الضوء قليلا على مثال حي يجسد بالملموس واقع الحال. فباعتباري واحد من أهل منطقة الريف سأحاول إماطة اللثام عن مجموعة دلالات مشتركة في هذه المنطقة لمفاهيم لازالت إلى يومنا هذا لصيقة فكر ماضوي وسياق انقضى. ومن أجل هذا، سأعتبر ٣ مفاهيم رئيسية ونظرة الريفي/ة لها. أولا مفهوم الأسرة ؛ فأما الأسرة في الريف فهي تقليدية كحال مجموعة من الأسر في المجتمعات المحافظة بحيث أن الذكورية هي الطاغية فالأب هو الآمر الناهي وإليه ترجع كافة الأمور وبعد أن يشيخ ويمرض أو يقضي أجله تجد أن الإبن الذكر هو الذي يتقلد وظيفة الأب وهو من يقوم مقامه..وهكذا دواليك. ولاتقل أهمية الأخ الأكبر في الأسرة الريفية فهو الذي يحمي عرض وشرف أخواته البنات وكلمته مسموعة بينهن وإن في حضور الأب. أما الزوجة والأخت، ففي غالب الأحيان تكونان غير قادرتان على النبس ببنت شفة في حظور هؤلاء : فتقتصر مهمة الزوجة في الإنجاب وتربية الأبناء وخدمة الزوج و ووالديه فهي بقبولها الزواج من شخص يتوجب عليها ضمنيا خدمة ولديه وإعانتهما عند الحاجة، أما البنت فهي تدرس وما أن يتقدم لها شخص فتهجر مقاعد الدراسة وتلتحق ببيت زوجها أو ببيت والديه- إن لم يكن له بيت مستقل- طمعا في رضاه ورضا والديه من بعده ولو على حساب ما يمكن أن تحققه لنفسها من إنجازات شخصية تقوي من حظورها مجتمعيا وتكون أنفع لمجتمعها الغارق في أوحال الجهل والأمية وبهذا تكون قد نفعت وانتفعت في ذات الآن...(يستكمل لاحقا)

Commentaires